أمريكا مرتاحة لنتائج "ضرب" غزّة!
كتب
الصحفي والمحلل اللبناني سركيس نعوم مقالا في يومية (النهار) تحدّث فيه عن
نتائج الحرب على غزّة وجاء فيه: (الفلسطينيون والعرب والمسلمون وخصوصا
الممانعون منهم مقتنعون بأن اسرائيل خرجت خاسرة من مواجهتها العسكرية
الأخيرة مع حماس في قطاع غزّة، فالصواريخ الحمساوية طاولت عمق إسرائيل
وأطرافها البعيدة رغم قصفها الجوي والبري والبحرّي· لكن حكومة إسرائيل لم
تحاول الذهاب أبعد من ذلك لأنها تعرف عجزها عن احتمال الكلفة البشرية
والدولية)·
على النّقيض من ذلك يبدو أن لعدد من المتابعين الامريكيين
ومعهم مسؤولون رأيا آخر في هذا الموضوع يفيد بأن إسرائيل ربحت الجولة
الأولى من المواجهة مع متطرّفي غزّة، وأنها أظهرت أن في استطاعتها إزالة
(أثر التهديد الصاروخي) لـ (حزب اللّه)· ويفيد أيضا بأن الامريكيين تأثّروا
إيجابا بأداء (القبّة الحديدية) المضادّة للصواريخ· ودفع ذلك إدارتهم إلى
زيادة الاستثمار المالي في مشروعها بغية تطوير ما تحتاج إليه إسرائيل منها
لتغطية أجوائها على نحو تام· ويفيد الرّأي نفسه ثالثا بأن الإدارة في
واشنطن حرّكت في اتجاه الشواطئ الإسرائيلية سفنا حربية ذات قدرات مضادّة
للصواريخ فاعلة جدّا استعدادا للتعامل مع تهديد الصواريخ الإيرانية، علما
بأن هذه القدرات موجودة أيضا في منطقة الخليج، ويفيد أخيرا بأن على إيران
أن تعيد حساباتها ومعها (حزب اللّه) لأن ترسانتهما النّووية قد لا تكون
فاعلة بالقدر الذي تؤكّده طهران·
هل سيتمسّك الرئيس أوباما في أوّل
ولايته الثانية بسياسته حيال الشرق الأوسط وتحديدا حيال إيران والصراع
الفلسطيني - الإسرائيلي؟ المتابعون الأمريكيون أنفسهم يعتقدون ذلك، ما لم
تستجدّ تطوّرات دراماتيكية تفرض تعديلها أو تغييرها، ومن أسباب ذلك انشغاله
منذ الآن بإعادة تركيب إدارته، ومنها أيضا اضطراره إلى متابعة العمل
لإيجاد حلّ للأزمة المالية في ظلّ الخلاف حولها بينه وبين جمهوريي مجلس
النواب، علما بأن سياسته حيال إيران معروفة، وهي تقوم على استمرار محاولة
استدراجها لحوار جدّي حول ملفها النّووي وحول كلّ القضايا الخلافية معها،
وإذا تعذّر ذلك فإن الضربة العسكرية ستكون (آخر الدواء)، وأواخر السنة
المقبلة 2013 قد يكون موعد ذلك· أمّا بالنّسبة إلى إسرائيل و(فلسطين) فإن
المتابعين الأمريكيين إيّاهم يعتقدون أن متطرّفي غزّة بقيادة (حماس) تخلّوا
عن إيران (الشيعية) وانضمّوا إلى المعسكر السنّي، وأن الإدارة الأمريكية
ستشجّع القادرين على مصالحة هؤلاء والسلطة الوطنية و(فتح) ومنظمة التحرير،
كما أنها ستشجّع قادة (حماس) على العمل الجدّي لإيجاد تسوية مع إسرائيل،
وقد يكون لمصر الحالية دور في ذلك إذا نجحت في تأمين استقرار الأوضاع فيها·
والانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في فيفري 2013 قد تساعد في ذلك، خصوصا
إذا أسفرت عن مفاجآت مثل فوز ليفني القادرة على جمع الوسط واليسار في
بلادها·
ألا ينطوي التوقّع المذكور أعلاه المتعلّق بالصراع الفلسطيني -
الإسرائيلي على إيجابية مبالغ فيها؟ نعم، يجيب باحث يهودي أمريكي بارز آمن
(بحلّ الدولتين) من زمان، وعَمِل له وشنَّ حملات عدّة متنوّعة على اليمين
الإسرائيلي وزعيمه اليوم بنيامين نتنياهو بسبب رفضه له· فهذا الأخير
وحلفاؤه وخلافا لمشروع أوباما للحلّ لم يعودوا يعترفون بأن هناك أراضي
عربية فلسطينية محتلة، إذ صاروا يسمونها أراضي متنازع عليها. وهم يكثّفون
الاستيطان فيها بغية الوصول في النّهاية إلى إسرائيل الكبرى أو معظمها·
طبعا استغلّ نتنياهو بعد عملية (عمود السحاب) العسكرية الأخيرة في غزّة
دعوة خالد مشعل أحد أبرز قادة (حماس) إلى تدمير إسرائيل أو إزالتها فدفع
حكومته إلى اتّخاذ قرار ببناء مستوطنات جديدة في القدس، لكنه نسي أو تناسى
أن مشعل عموما كان قدّم في السابق وفي أثناء محادثات معه أفكارا أكثر
اعتدالاً مثل قبول سلام على أساس دولتين فلسطينية وإسرائيلية يكون نتيجة
مفاوضات بين (السلطة الوطنية) وإسرائيل، لكن بعد قبول شعب فلسطين إيّاه عبر
الاستفتاء، كما أنه دعّم وقف كلّ أعمال العنف ضد إسرائيل إذا قبلت إسرائيل
مبدأ قيام دولة فلسطينية على حدود 4 جوان 1967· وهذا النّسيان أو التناسي
قد يكون ساد النّاخبين الإسرائيليين، خصوصا في ظلّ اتجاه غالبيتهم نحو
اليمين الذي يحاول حاليا استغلال تصريحات مشعل و(حماس) لمنع ظهور كتلة
نيابية وسطية ويسارية في (الكنيست) الإسرائيلي بعد الانتخابات العامّة
المقرّرة في فيفري المقبل·
الصحفي والمحلل اللبناني سركيس نعوم مقالا في يومية (النهار) تحدّث فيه عن
نتائج الحرب على غزّة وجاء فيه: (الفلسطينيون والعرب والمسلمون وخصوصا
الممانعون منهم مقتنعون بأن اسرائيل خرجت خاسرة من مواجهتها العسكرية
الأخيرة مع حماس في قطاع غزّة، فالصواريخ الحمساوية طاولت عمق إسرائيل
وأطرافها البعيدة رغم قصفها الجوي والبري والبحرّي· لكن حكومة إسرائيل لم
تحاول الذهاب أبعد من ذلك لأنها تعرف عجزها عن احتمال الكلفة البشرية
والدولية)·
على النّقيض من ذلك يبدو أن لعدد من المتابعين الامريكيين
ومعهم مسؤولون رأيا آخر في هذا الموضوع يفيد بأن إسرائيل ربحت الجولة
الأولى من المواجهة مع متطرّفي غزّة، وأنها أظهرت أن في استطاعتها إزالة
(أثر التهديد الصاروخي) لـ (حزب اللّه)· ويفيد أيضا بأن الامريكيين تأثّروا
إيجابا بأداء (القبّة الحديدية) المضادّة للصواريخ· ودفع ذلك إدارتهم إلى
زيادة الاستثمار المالي في مشروعها بغية تطوير ما تحتاج إليه إسرائيل منها
لتغطية أجوائها على نحو تام· ويفيد الرّأي نفسه ثالثا بأن الإدارة في
واشنطن حرّكت في اتجاه الشواطئ الإسرائيلية سفنا حربية ذات قدرات مضادّة
للصواريخ فاعلة جدّا استعدادا للتعامل مع تهديد الصواريخ الإيرانية، علما
بأن هذه القدرات موجودة أيضا في منطقة الخليج، ويفيد أخيرا بأن على إيران
أن تعيد حساباتها ومعها (حزب اللّه) لأن ترسانتهما النّووية قد لا تكون
فاعلة بالقدر الذي تؤكّده طهران·
هل سيتمسّك الرئيس أوباما في أوّل
ولايته الثانية بسياسته حيال الشرق الأوسط وتحديدا حيال إيران والصراع
الفلسطيني - الإسرائيلي؟ المتابعون الأمريكيون أنفسهم يعتقدون ذلك، ما لم
تستجدّ تطوّرات دراماتيكية تفرض تعديلها أو تغييرها، ومن أسباب ذلك انشغاله
منذ الآن بإعادة تركيب إدارته، ومنها أيضا اضطراره إلى متابعة العمل
لإيجاد حلّ للأزمة المالية في ظلّ الخلاف حولها بينه وبين جمهوريي مجلس
النواب، علما بأن سياسته حيال إيران معروفة، وهي تقوم على استمرار محاولة
استدراجها لحوار جدّي حول ملفها النّووي وحول كلّ القضايا الخلافية معها،
وإذا تعذّر ذلك فإن الضربة العسكرية ستكون (آخر الدواء)، وأواخر السنة
المقبلة 2013 قد يكون موعد ذلك· أمّا بالنّسبة إلى إسرائيل و(فلسطين) فإن
المتابعين الأمريكيين إيّاهم يعتقدون أن متطرّفي غزّة بقيادة (حماس) تخلّوا
عن إيران (الشيعية) وانضمّوا إلى المعسكر السنّي، وأن الإدارة الأمريكية
ستشجّع القادرين على مصالحة هؤلاء والسلطة الوطنية و(فتح) ومنظمة التحرير،
كما أنها ستشجّع قادة (حماس) على العمل الجدّي لإيجاد تسوية مع إسرائيل،
وقد يكون لمصر الحالية دور في ذلك إذا نجحت في تأمين استقرار الأوضاع فيها·
والانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في فيفري 2013 قد تساعد في ذلك، خصوصا
إذا أسفرت عن مفاجآت مثل فوز ليفني القادرة على جمع الوسط واليسار في
بلادها·
ألا ينطوي التوقّع المذكور أعلاه المتعلّق بالصراع الفلسطيني -
الإسرائيلي على إيجابية مبالغ فيها؟ نعم، يجيب باحث يهودي أمريكي بارز آمن
(بحلّ الدولتين) من زمان، وعَمِل له وشنَّ حملات عدّة متنوّعة على اليمين
الإسرائيلي وزعيمه اليوم بنيامين نتنياهو بسبب رفضه له· فهذا الأخير
وحلفاؤه وخلافا لمشروع أوباما للحلّ لم يعودوا يعترفون بأن هناك أراضي
عربية فلسطينية محتلة، إذ صاروا يسمونها أراضي متنازع عليها. وهم يكثّفون
الاستيطان فيها بغية الوصول في النّهاية إلى إسرائيل الكبرى أو معظمها·
طبعا استغلّ نتنياهو بعد عملية (عمود السحاب) العسكرية الأخيرة في غزّة
دعوة خالد مشعل أحد أبرز قادة (حماس) إلى تدمير إسرائيل أو إزالتها فدفع
حكومته إلى اتّخاذ قرار ببناء مستوطنات جديدة في القدس، لكنه نسي أو تناسى
أن مشعل عموما كان قدّم في السابق وفي أثناء محادثات معه أفكارا أكثر
اعتدالاً مثل قبول سلام على أساس دولتين فلسطينية وإسرائيلية يكون نتيجة
مفاوضات بين (السلطة الوطنية) وإسرائيل، لكن بعد قبول شعب فلسطين إيّاه عبر
الاستفتاء، كما أنه دعّم وقف كلّ أعمال العنف ضد إسرائيل إذا قبلت إسرائيل
مبدأ قيام دولة فلسطينية على حدود 4 جوان 1967· وهذا النّسيان أو التناسي
قد يكون ساد النّاخبين الإسرائيليين، خصوصا في ظلّ اتجاه غالبيتهم نحو
اليمين الذي يحاول حاليا استغلال تصريحات مشعل و(حماس) لمنع ظهور كتلة
نيابية وسطية ويسارية في (الكنيست) الإسرائيلي بعد الانتخابات العامّة
المقرّرة في فيفري المقبل·